[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]
أصالة عن نفسي نيابة عن جيل بأسره[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]أشياء كثيرة فاتني ومرت طفولتي وسط بيئة قاسية وتبخرت احلامي الطفولية وأنا صغير حلمت اكثر من مرة بإنقاذ مديني التعيسة وانتشالها من الانحطاط وتطهيرها من الحثالات التي تقودها الى مزيد من القدارة و عندما أفقت من حلمي وكبرت وجدت نفسي عاجزا حتى عن حلق ذقني وإخراج سطل قمامتي إلى الشارع..
كم مرة صفقت بحرارة وأنا أود في أعماقي أن ابصق بلا توقف كم صافحت بمودة بيدي اليمنى ويسراي تحن إلى الصفع واللكم. كم مرة كنت مضطرا إلى تحمل نفاق لصوص ميزانية البلدية التي تمثلني واتحمل ودعاباتهم ومجاملاتهم التي ليس أثقل منها سوى دماؤهم السخيفة.
كم مرة خرجت في مظاهرة صاخبة تسير في رأسي وعندما أردت أن أعود وجدت أنني ضيعت الطريق وأنني لم أخرج إلى أي مكان بقدر ما خرجت عن اطواري. كم مرة عاقبوني وأنا صغير بسبب الكذب وقالوا لي إن كثرة الكذب تطيل الأنف وعندما كبرت وجدت الجميع حولي يكذب ولم أشاهد أنفا طويلا واحدا بقدر ما شاهدت ألسنة أكثر طولا من أعمار التماسيح. كم مرة ثرثروا هم وأسغيت السمع أنا كم مرة صرخوا هم وارتجفت انا وكم مرة ضربوا الأرض بأقدامهم الغاضبة فقفزت أنا من مكان إلى مكان. كم مرة يجب أن أكون الصامت الكبير والخائف الكبير والمغفل الأكبر. كم مرة أوقفوني في الشارع العام للمدن الكبرى بدعوى تفقد هويتي فأنا بسبب كل الكوارث التي مرت بي أصبحت لدي سحنة أي هارب من العدالة وعندما ينتهون من تقليب أوراقي ويعتذرون لي ثم يتكروني أبدأ أنا في داخي حملة واسعة لتفقد كرامتي.
كم مرة فكرت في قذف التلفزيون بزوج حذاء لولا معرفتي الأكيدة بأن رواتب اخوتي الهزيلة لا تسمح بشراء تلفاز جديد
كم مرة استدرجوني إلى الحديث عن ذكرياتي الحميمية وعندما حكيت لهم عن كل شيء أليم وقذر مر بي في هده المدينة المنسية لم يفهموا سبب حرصي على ذكريات من هذا النوع كم مرة يجب أن أشرح لهم أن الذي لم يعش طفولة بائسة مثلي لا يستحق أن يسمع حكايتي وأن رأسا خاليا من آثار الاحجار الطائشة و إبرة الجراحين وخيوطهم لهو رأس جدير برف في متحف وليس أبدا فوق كتفي إنسان يدعي أنه كان طفلا في يوم من الأيام.
وعند مغادرتي المدرسة مبكرا فكرت أكثر من مرة في مغادرة هده المدينة بصفة نهائية بحثا عن مدينة آخرى أقل قسوة وعندما جمعت حقائبي وصرت على استعداد لمبارزة الحنين والغربة انتهيت إلى أن حربي لا توجد في أي مكان آخر بعيدا عن أقا المنسية وبقيت هنا إلى الأبد مهزوما لكنني أقاوم بشرف.
كم مرة عذبوني بشعاراتهم التي لا تتحقق أبدا وأتعبوني بوعودهم المهدورة مثل دماءوكم قتلوا في الرغبة في الحب والحياة ولكنني وكأي نبتة صبار أستطيع أن أكبر وأعيش ولو في صحراء قاحلة. فكبرت وعشت شائكا وحزينا ومليئا بالكبرياء.