[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]أصالة عن نفسي نيابة عن جيل بأسره[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]عندما بلغت سن السادسة أدخلوني إلى المدرسة لأتعلم النحو والقواعد ودروس التاريخ حيث القوافل التجارية تفد من السودان الى مدينة تامدولت المركز التجاري المهم الذي تحول الى أطلال من التراب و حيث دولة السعديين انطلقت من زاوية سيدي عبد الله بن مبارك متجهة نحو الشمال تاركة وراءها مسجدا عتيقا و صومعة شامخة تأبى الانهيار ساخرة في وجه الزمن ثرثي حال مدينة منسية انطلق منها السعديون و انتهى اليها المرابطون الذين أنتمي اليهم.
في المستوى الثالث بدأت أتهجى التلاوة الفرنسية. تلعثمت كثيرا قبل أن أنطق حروفي الأولى بالفرنسية، «فواسي نبيل فواسي مينة لوبيغ دو نبيل ادو مينة»..مددت يدي الصغيرتين والمرتجفتين للعصا. حصص الرياضيات كانت تخيفني جدول الضرب كان عدوني الأول. في عيد المسيرة الخضراء يخرجوننا من المدارس ويجمعوننا ويفرقوننا على طول الشارع الرئيسي للمدينة لكي نقف تحت الشمس في انتظار أن يصل مسؤولو المدينة ليستظلوا تحت الخيمة الكبيرة و عندما يصل هؤلاء التافهون و يبدؤون في التهام أطباق الحلوى مع كؤوس المشروبات الغازية يأمروننا أن نغي نشيد "المغرب مغربنا و الصحراء صحراؤنا" و "صوت الحسن ينادي ....." يأمروننا ان نصفق فنصفق يطلبون منا أن نلوح بالرايات فنلوح بالرايات. وفي المساء أعود إلى أمي وعلى وجهي تباشير الحمى بسبب كل الوقت الذي قضيته تحت الشمس. علموني أن الوطن هو الراية التي أقف أمامها كل صباح قبل الدخول إلى القسم لكي أردد مع زملاء الابتدائية : منبت الأحرار مشرق الأنوار» ولم يشرحوا لي لماذا كان أصدقائي من أبناء الجنود الذين استشهدوا دفاعا عن هدا الوطن ضد مرتزقة البوليزاريو يأتون إلى المدرسة بثياب ممزقة ويصطفون أمام باب المطعم المدرسي لينالوا نصف خبزة تحتوي حبات من العدس الفاسد.علموني أن الأمازيغ هم سكان المغرب الأولون و لم يشرحوا لني لماذا يسخرون من أمهاتنا في الادارات لأنهن لا يتكلمن بالعربية.
حقنونني في المدرسة بأدوية حتى لا أنقرض بسبب الجراثيم والأوبئة التي كانت تزورني أكثر مما كان يزورني أطباء مستشفى المدينة وأفرغوا في عيني أطنانا من أنابيب «البوماضا» لمحاربة العمش حتى ينقشع المستقبل المخيف أمامي بوضوح.