اما بعد ايها الاخوة الاعزاء
إضافة إلى الجودة العالية والحرفية الدقيقة والمشغولية المتقنة التي أصبحت سمة كل هذه المجموعات والأطقم ، فهي مجوهرات تنعتق من الزمان والمكان ويمكن لها أن تعانق الأنوثة في كل المناسبات ، وربما هنا يكمن سر شخصيتها الفريدة وإغرائها المطلق ، ونقاوتها التي لا تُقَاوَمُ ، ولعل أصدق تعبير يمكن أن تُوصف به نجده في سلم القيم الخاصة بالمعادن والتي تقول أنها شفافة كالماس وأصيلة كالذهب وصادقة كالأحجار الكريمة ، كما تنطبق عليها قيم الألوان ، فاللون الأخضر رمز للشباب والانطلاقة والحياة الجيدة ، أما اللون الأزرق فهو رمز الهدوء والسلام ، بينما يرمز اللون الأحمر للدفء والعشق والشجاعة والقوة .... فالعين تحتاج إلى الألوان قدر حاجتها إلى الضوء، وتترك الألوان تأثيرا في الأنسان وإيقاعا خاصا يطال المشاعر والانفعالات ، فهي تُرقى وتُهدئ وتُثير وتُخفف وتُلطف وتُدهش وتُبهر نفسياتنا ، بل تعمل الألوان في كثير من الأوقات كمرآة عاكسة لهذه المشاعر ، كما يتم التعبير النفسي للأحجار الكريمة الملونة من خلال هذه المشاعر العميقة التي ترمم أعطاب الحواس.
الهلال والنجمة رمزان إسلاميان
تعتمد فنون النقش والزخرفة على الخصائص المتنوعة في التشكيل القائم على الطَّرقٍِ والمَطٍّ والصَّهْرِ والسَّبْكِ والصَّبِّ في قوالب مهيئة مع مراعاة اختيار المعدن اختيارا منطقيا وموفقا بناء على طواعيته المحدودة أو المتناهية في التكوين والتوليف. وقد عرف الفن الأمازيغي بعصاميته الحادة التي تمثلت في ما يمكن أن نسميه بالأناقة المعدنية ، وهي تجمع بين الرقة والبساطة في دعم الإحساس بالذوق الرفيع الذي يَنِمُّ عن نكهة مركبة من العراقة والأناقة تفوح بندى الذاكرة وألق التاريخ وبهاء الطبيعة ، بحيث لا يمكن اعتبارها مجرد فولكلور أو زينة ، هي حكايات وأساطير ومعتقدات تختمر في الذاكرة وتشتعل أشكالا ورموزا. فالأشكال الدائرية تعني القدسية لأن المرأة ارتبطت بأشكال كالشمس والقمر، أما الهلال والنجمة فهما رمزان إسلاميان يدلان على التفاؤل .... كما نجد زخارف سعف النخيل وهو رمز يدل على الإنتاج والوفرة والرخاء والازدهار والخصب. والنخلة هي شجرة الحياة التي ترمز في الذاكرة الشعبية حتى عند العرب إلى المياه المتدفقة
ولعل مجمل هذه الرموز تشهد بما لا يدع مجالا للشك بأن الأمازيغ انصهروا وتجاوبوا وتلا قحوا مع ثقافات وحضارات عديدة أغنت تراثهم بشكل أو بآخر.
الفضة للبوادي والذهب للمدن
وقد كانت الحلي عند النساء الأمازيغيات ترمز إلى الانتماء القبلي، نجدها في الغالب من الفضة في البوادي والأرياف ومن الذهب في المدن، لكنها بخلاف الحلي عند العرب ،تأخذ أحجاما كبيرة وأشكالا هندسية بارزة كالمثلث والدائرة والمربعات المنحرفة والمُعَيَّنُ، تلبس فيها النقوش والزخارف أشكال الفتائل، وهي عبارة عن خيوط من ذهب أو فضة مفتولة مجدولة أو ملحومة تترك طابعها الأصيل على المعادن وتجعل التاريخ يبدو جميلا مهما قَدُمَ، حيث الأساور وكأنها خرجت من متاحف أثرية، تبدو آية في الحسن والجمال كالقلادة التي تفيض بالأحلام.
ونظرا للأهمية الكبيرة التي يوليها الناس لمظاهر الزينة، يزداد يوما عن يوم، عدم التمييز في الأوساط الشعبية بين الأحجار الرقيقة والأحجار الكريمة، في حين لا نجد عند الأخصائيين إلا أربعة أنواع من الأحجار الكريمة وهي الألماس والزمرد والياقوت والسفير، ويبدو هذا الخلط ناتجا عن رغبة الإنسان في إضفاء الهالة على شخصه، لأن حمل وارتداء هذه المجوهرات تجعله يحظى باهتمام وتقدير الآخرين ويرفع من مكانته الاجتماعية، ولهذا أصبحت المجوهرات اليوم شاهدا على أفراح و أحداث عائلية أو رمزا قبليا أو تذكارية محملة بالأحاسيس تحتل فيها القيمة العاطفية أو المعنوية مكانة كبيرة تجعلها أكثر تألقا وجمالا في أعين الناس تزيد من قيمتها الفنية والجمالية.
مع تحيات امدوكال الي 23.12 .2010