أمس سافرت انا وخروفي في حافلة حملته مذبوحا في قفة بعد ان تخلصت منه في الدار البيضاء. كان المسكين بلا رأس ولا يقدر على الثغاء لينتبه اليه الركاب ويخلصوه مني ولكي أوصله الى الرباط بأقل الخسائر الممكنة لم اخذ له تذكرة وخبأته عن الجابي ووضعته في رف الحقائب. لقد خططت لجريمتي بمنتهى الدقة ولم ادع صغيرة ولا كبيرة والا انتبهت اليها لئلا ينكشف أمري ويلقى القبض علي فرششت على الجثة المقطعة الى أجزاء قارورة عطر ووضعت فوقها ملابس داخلية كي لا يفطن أي فضولي لما أحمله معي وليشيحوا بوجوههم ولا يبحلقوا في ما أحمل معي ويخجلوا من التحديق والتطفل.
ورغم كل المجهودات التي بذلتها طلت رائحة اللحم تفوح من المقعد الذي اجلس فيه بينما كانت فتاة تجلس أمامي تتأفف مني وتهمس فس أذن صديقتها بكلمات لا أسمعها لكني حدست أنها تتعلق بخروفي الذي شمت رائحة لحمه تأتي من القفة.
حين ذبحته في البيت لم أكن أقدر مخاطر نقله من البيضاء الى الرباط كل ما حرصت عليه في ذلك الحين حراسته كي لا تسرق لي العائلة ضلعا أو قخدا أو كتفا أو يشوي الصغار الذين كانوا مثل وحوش خصيتيه اللذيذتين في غفلة عني ودون ان امنحهم تصريحا بذلك ولأني اشتريته بثمن خيالي وتبجحت بضخامته أمام كل الجيران فاني كنت أخشى أن يختلط بخرفانهم الضعيفة وأن يخدعوني ويأخذوا لحمي الجيد ويبدلوه بلحم خرفانهم الرخيص. كان خروفي المقطع محظوظا لانه ركب في – كار- مكوكي سريع سيقطع المسافة بين البيضاء والرباط بسرعة فائقة قبل ان ينتن في الطريق وتزكم رائحته أنوف الركاب وأضيع أنا في كيلوات لابد أني سأتمتع بها أياما قبل ان تنقرض من الثلاجة التي ستعيش فيها في جو ملائم وبارد لشهور. وكنت اخاف كثيرا ان تتعطل الحافلة في الطريق أن تتجمد مثل جثة هامدة ويفسد لحمي والجثة التي أحمل معي وكنت أطلب الله سرا أن ينجيني ويوصلني الى مدينة الرباط سالما معافى مع لحمي المكدس في أكياس بلاستيكية خاصة أني احمل معي ثروة لا تقدر بثمن ولا يمكن لأي كان أن يعوضني على فقدانها لاوزارة النقل ولا الوزير الاول ولا الدولة بكاملها يمكنها ان تمنحني لحما أشويه وأطبخه أقليه وأصنع منه الأعاجيب وتعوضني على خسارتي اذا ما وقفت الحافلة.
الأدهى أن الوحوش الصغار الذين احتفلوا معنا في منزل العائلة المزورة – لأن عائلتي الحقيقية توجد في أقا – سرقوا أجزاء مهمة من خروفي بعد أن شحذوا سكاكينهم وطفقوا يقطعون منه الجلاليف والشحم واللحم حتى أن اكثرهم اجراما استولى على كل خصي الخرفان المذبوحة وجمع ثماني منها دفعة واحدة مبررا المسألة بأنه لايأكل بولفاف وأنه مظلوم في هذا العيد وأن لاأحد يتمناه أن يكبر ويتقوى ويصبح رجلا .
وقد دفعني ذلك الى أن أتألم كثيرا وكانت لحظة هروبي بجثة خروفي في الحافلة لحظة سعادة عارمة ولذلك كانت فرائصي ترتعد من أن تتعطل الحافلة ولو فعلتها لرفعت دعوى الى محكمة لاهاي وتخصصت في نقد الحافلات وشتمها دون سواها من الكائنات الحديدية التي تركض في الطريق ولتوجهت رأسا الى ديوان المظالم أبث شكواي.
سلواي الوحيدة في هذه الرحلة المحفوفة بالمخاطر أني اكتشفت متأخرا كوني لست المجرم الوحيد في الحافلة الذي يحمل معه جثة كثيرون مثلي كانوا يسافرون باللحم المقطع وقد فطنت لذلك من عيونهم المهتمة بحقائبهم أكثر من أي شيء أخر كأنها تخاف عليها من القفز من النوافذ حتى أن بعضهم وضعها فوق رجليه حرصا على سلامتها وكي لا ينزعها أحد منهم ولما فهمت أني لست الوحيد وأنني في مسلخ يمشي على الطريق شرعت في لعبة مسلية أنظر الى الحقائب والسلال أيها ملانة بالملابس كما أخذت أتأفف بدوري وألوم الركاب الذين يحملون معهم اللحم في الحافلة كأني لست معنيا بالأمر متظاهرا أني أحمل معي الزهور والرياحين.
ولكي أبدوا بريئا أخرجت مت حقيبتي حاسوبي وأتصفح منتديات لكناتة كأي رجل محترم عائد من عمله وطفقت أقرأ المشاركات الجديدة وأفكر دون أن ينتبه أحد لخروفي الذي ضاع منه كتف بعد أن ذهبت به زوجة عمي الى أمها وبعد أن التهمت العائلة رأس خروفي ودوارته وقلت مع نفسي اني لن أعيد نفس الخطأ السنة المقبلة وسأذبح خروفي وحدي ليكون لي بالكامل وكي لا يأكله غيري فجميل أن تحتفل بعيد الأضحى مع عائلتك الكبيرة لكن السيء أن يعتقدوا أنك نباتي ويمسخوا الخروف الذي اشتريته بالثمن الخيالي الى قطع لحم موضوعة في قفة .وقررت أيضا مع نفسي الا أحتفل مرة أخرى بعيد الاضحى هنا في البيضاء التي تحولت الى مدينة فارغة بعد سافرت الجالية التي تسكنها لقضاء عيد الاضحى مع أسرها وبقيت أنا الوحيد وأكملتها بالسفر الى الرباط .
بشير أوتشواشت